جاءته امرأة عجوز يهودية تشتكي لعمر حالها وتصفه بالفقر والعوز، ولديها إبن مريض لم تستطع علاجه، فماذا كان رد عمر على اليهودية؟
قصة عمر مع اليهودية لن تجدوا لها نظيرا، فعندما فرغت من شكواها وعمر يصغي إليها بأدب وتواضع جم بعد أن وصفت فقرها وعجزها عن علاج ابنها المريضفرحم حالها الفاروق، ورق قلبُه لها وأخذها إلى بيت مال المسلمين"، وفرض لها ما يكفيها ويكفي علاج ابنها، ففرحت وشكرته ونادته بأمير المؤمنين..
رأى عمر الفاروق والحاكم العادل، وصاحب القلب الرحيم في وجه اليهودية الرضا والفرحة بعد أن شكرته على موقفه النبيل، موقف مستمد من مبدأ الإسلام الذي تربى عليه عمر على يد رسول الرحمة عليه الصلاة والسلام، فاستغل عمر هذه الفرصة واللحظات المناسبة للموقف ليطلب من اليهودية شيئا لمصلحتها دنيا وأخرى، فقال لها مشفقا:
" يا أمة الله، إني أدعوك إلى الإسلام ففيه خيري الدنيا والآخرة"، لم يقل لها، أنتِ على ضلالة ومصيرك جهنم إن لم تسلمي، ومع هذا اللطف والتلطف في القول، ومع مهابة عمر، قالت اليهودية في حرية وأمان واعتراض:
أما هذه فلا يا أمير المؤمنين"، ونادته بالإمارة كأنها مقرة له بذالك،
فماذا كان رد عمر تجاه رفض اليهودية العجوز؟
ندم على استغلال هذه الحاجة لدعوتها إلى الإسلام، وتمنى لو دعاها في ظرف زماني آخر، وفرصة غير فرصة الحاجة والعوز، وخاطب نفسه يؤنبها قائلا:
"يا عمر!! أليس هذا من الإكراه في الدين؟"..
ويؤثر عنه قوله:
"يومان يؤرقان عمر، يوم الحديبية، ويوم قصته مع اليهودية".
عظمة الزعامة والعبقرية لم تكن في الفاروق عمر قبل إسلامه، فما كان يؤثر عنه غير الغلظة وشدة البطش مع صفات أخرى فيها المحمود وفيها المذموم، وبعد أن أسلم ظهرت شخصية أخرى لعمر، وبرزت عبقريته الفذة بعد أن تتلمذ على يد مربيه وقائده رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن بعده صاحبه الصديق الخليفة الأول، فصلى الله على شيخه ومعلمه رسول الله، ورضي الله عن صاحبه أبي بكر، ورضي الله عن الفاروق، ورزق الأمة برجل ليس مثله، وإنما برجل يحاول تقليد سيرته وقيادته وزهده وورعه..